
خلفت الحرب بسنواتها التسع شرخاً كبيراً بين أطياف الشعب السوري ، أعمقها وأكثرها تأثيراً بين الطائفتان السنية والعلوية ، بعد ما اعتبرتها الأخيرة حرب وجود شنتها على الشعب السوري دون التمييز بين دينه أو عرقه ، وإنما الفرز بطريقة من لم يكن معنا فهو ضدنا .
في المقابل ، حاول نظام الأسد ومن خلفه ايران مراتٍ عديدة خلق النزاعات بين الأكراد وبقية الشعب سواءً معارضين أو مؤيدين لقيام الثورة ، شبيحةً أو أحرار .
كانت المرة الأولى عندما انسحبت قواته من مناطق الجزيرة السورية وعلى وجه الخصوص المناطق الكردية
في الحسكة والرقة ، فاتحاً المجال لقوات حزب ” PKK ” الإرهابي للسيطرة على مناطقة شاسعة في
شمال وشرق سوريا ، واضعاً الجيش الحر في خط المواجهة مع الحزب ، كاسراً عزيمة الشعب الكردي الثائر
في تلك المناطق ، موهماً إياهم من خلال ” PKK ” أنه لا مناص من قتال الحر وأنهم قادمون للإجرام بحقهم
لم يكن للحزب ذمةٌ ولا ضمير كداعميه ، لم يحترم عهداً ولا ميثاق طوال السنوات الماضية ، وضع الشعب الكردي أمام خيارين إما التجنيد الإجباري أو الهروب خارج البلاد .
فرغت المناطق الكردية من شبابها وبردت الهمم وضرب الخوف صدور الناس ، وسلموا الأمر أنه لا خيار إلا
بالمواجهة دون علمهم بتبعية الحزب للأسد .
أما المرة الثانية فكانت بمواجهة تركيا والجيش الوطني الحر معاً ، حيث قام حزب ” PKK “ بدعم من نظام
الأسد وايران بالتقدم والسيطرة على مساحات شاسعة من شمال حلب في الوقت الذي كانت فيه فصائل
الحر تقاتل تنظيم ” داعش ” الإرهابي .
أدى الأمر حينها إلى حصار خانق فرض على مئات الآلاف من البشر في اعزاز ومارع شمال حلب ، مما زاد
النقمة عند الثوار ، قابله إنسانية من الشعب الكردي ومحاولات للمساعدة قوبلت من حزب ال ” PKK ” بالقمع .
دارت المعارك بين تركيا والحر من جهة والحزب الذي استعان بجيش الأسد من جهة أخرى ، أدت لتحرير مدينة عفرين .
معركة كشفت عمالة حزب ” PKK ” للأسد ، حيث قامت القوات المنسحبة بعد نهاية المعركة بالدخول لقرى نبل والزهراء ومنها لمنبج ، لتصل الأمور نهايتها بقتال الحزب جنباً إلى جنب مع قوات النظام .
عفرين كانت تعيش بهدوء في زمن حكم الأحزاب الانفصالية ، دون تفجير أو قصف تتعرض له ، اليوم تقع تحت
سيطرة الجيش الحر وتركيا معاً ، بحكم مدني لا عسكري مع بعض التجاوزات ، الغريب في الأمر أنه منذ
تحرير عفرين ولم تهدأ التفجيرات ، ولم تتوقف الإغتيالات .
يعيش في عفرين اليوم أكثر من مليون إنسان ، اختلطت دمائهم مع بعضها البعض ، لم يعرف التفجير الأخير ولا سابقاته عربياً أو كردياً ، بل قتل الاثنان ، لماذا ولمصلحة من ؟!
حال حزب ” PKK ” بنشطائه وإعلامييه اليوم كحال شبيحة الأسد في الأمس ، يقصفون المدن السورية
التي يسيطر عليها الثوار ويتهمونهم بالقصف !
” إن لم تستحي فاصنع ما شئت ”
التفكير واحد و العقيدة واحدة بين جيش الأسد والحزب الانفصالي ، لكن القلب واحد والدم واحد عند السوريين بكافة طوائفهم .